الوردة الحمراء
ما تزال الثلوج تتساقط في القسم الشرقي بغزارة كما لم تعهدها المدينة من قبل و يكاد الرجل لا يرى يده أمامه إذا بسطها من شدة الظلام فقد تجاوزت الساعة الثانية عشرة صباحا و مازال (جهاد) هائماً على وجهه في هذا البرد يبحث عن كسرة خبز بين أكوام الثلج البيضاء كمن يبحث عن إبرة في كوم قش .
هاهي الأيام الثلاثة قد انقضت و مازالت أحشائه تستجير به فهي لم تذق لقمة واحدة منذ فترة ، كما أن جسده الذي لم تقربه المياه منذ أشهر بدأ يمل هذه الرائحة الملازمة له ، حتى أن أطفال الحي كانوا يطاردوه بالحجارة كأنه وباء يهاجم المدينة أو أنه جرذ نتن يهاجم المحاصيل ، الكل هنا يأبى مجالسته و الحديث معه فلم يرى مهربا سوى أن يكلم نفسه :
_ آه ... آه من هذه الحياة اللعينة ، لماذا يا رب ؟ ماذا فعلت كي تعاقبني ؟ .
و لكن لم يكن هناك من يرد عليه تساؤلاته سوى عزف الثلوج في ناي الهواء ، أ ين يذهب مشرد مثله أين يحتمي ؟ كل الناس وضعوا القطن في أذانهم فهم لا يسمعون صرخاتهم الصامتة في عتمة الليل فلا يسمعون سوى رنة الدينار و الدرهم ، كل الناس رسموا الغشاوة في أعينهم فلا يرون سوى شهواتهم و نزواتهم المدمرة ، الكل يتجنب هؤلاء المساكين و كأنهم لعنة من السماء حلت بأهل الأرض ، أليسوا هم من صنع أيدينا . فلماذا إذاً نتجنبهم ؟ .
و رغم ذلك تظل هناك بارقة أمل في عيني (جهاد) فهاهو هناك يرى بريق بين أكوام الثلوج فأخذ يفكر :
_ لا بد بأنه مصباح علاء الدين أو أنه الخاتم السحري ، الحمد لكي ارب الآن سأطلب و أتمنى و لكن ماذا سأطلب ... حسناً وجدتها :
بداية سأطلب لنفسي مكاناً أبيت فيه و عشاءاً ، نعم... نعم عشاء فاخر فأنا جد جائع.
ثانياً سأطلب أميرة حسناء تعيش بقربي تحبني و أحبها ، أجل...أجل فقد وصلت سن الزواج و آن لي أن أستقر...
حسناً و أخيراً أريد المال ، الكثير من المال لي و للذين يعانون مثلي في حياتهم ، لأولئك الأطفال المشردين و الملقين على أعتاب المساجد و الكنائس ما ذنبهم إن كان أبائهم و أمهاتهم قد أخطئوا........
هل هو حقاً مجنون كما يقول الناس عنه و إن كان كذلك فكيف لمجنون أن يتمنى أمنيات لا يتمناها سوى العقلاء .
هاهو الآن يتجه مسرعاً و قلبه يسبقه إلى ذلك المصباح و الابتسامة تعلو وجهه الحزين و فجأة يقف و كأن صاعقة قد نزلت به و أخذ يبكي و يصرخ :
_ لماذا ... لماذا ؟ حتى الأحلام محرمة علينا ...
ثم يقف صامتاً يتأملها و يبدأ بالحديث معها:
_ ماذا تفعلين هنا في هذا الجو البارد؟ . حتى أنك وحيدة مثلي فلا أحد حولك يؤنسك في هذا الجو سواي . حتى الثلوج ترفض أن تغطيكِ .
آه ... أيتها الوردة الحمراء لا أحد يريد أن يكون معك سواي ولكن حتى أنا لم أردك يوما ولكن القدر قد ساقني إليك ربما لكي أقطفك . ربما...
قطف الزهرة و اتجه نحو قبر أمه المتوفاة منذ بضع سنين ، و ضع الزهرة على رخام قبرها و تمدد قربها :
_ أتدرين يا أماه إن هذه الزهرة تشبهني كثيراً ، لا .. لا بل هي أفضل مني على الأقل لديها عطرها و رونقها ؟أما أنا ماذا لدي ؟!...
آه يا أمي كم أنا مشتاق إليك ، أشتاق لحضنك الدافئ الذي عودتني عليه ، أحتاج ليديك كي تمسح لي جبيني ، أحتاج لحنانك كي يمسح لي دموعي ... آه.يا أماه.
نظر بجانبه و إذا الزهرة تغط بنوم عميق و هي تودع حياتها ، حتى هو بدأ يشعر بالنعاس ، كان خائفاً من النوم كي لا يموت من البرد و لكنه الآن :
_ لا هذه الزهرة ليست أشجع مني علمت أنها ستموت و رغم ذلك فقد جاءت معي
لم تخف و لم ترتعب ، حسنا ً سأكون مثلها ، سأكون شجاعاً لمرة واحدة في عمري.
و أخذ يغط هو الأخر بنوم عميق حاضنا تلك الزهرة الحمراء و قبر أمه ... حتى نهاية عمره...
الجمعة يونيو 06, 2014 2:26 pm من طرف Admin
» كيفية تصنع الموطا (الآيس كريم ) على الطريقة العراقية
الخميس يونيو 05, 2014 1:58 pm من طرف Admin
» اسهل الاكلات التركية
الخميس يونيو 05, 2014 1:50 pm من طرف Admin
» طرقة صنع الكيكة الفاخرة
الإثنين مايو 26, 2014 1:33 am من طرف Admin
» سلطة الخضار المقلية مكونات سلطة الخضار المقلية
الإثنين مايو 26, 2014 1:31 am من طرف Admin
» وصفة كابتشينو تخلي اعصابك رايقة
الإثنين مايو 26, 2014 1:28 am من طرف Admin
» طبق يصلح للسحور والغذاء والعشاء
الإثنين أبريل 14, 2014 3:19 am من طرف Ali
» دجاج بالكاري
الإثنين أبريل 14, 2014 3:17 am من طرف Ali
» مجبوس الروبيان
الإثنين أبريل 14, 2014 3:14 am من طرف Ali